كيف تحول اسم مدينة خانكندي الأذربيجانية إلى ستيباناكرد؟.. مركز حكومي أذري يرد

كتب – محمود سعد دياب:

أعد مركز الترجمة الحكومي الأذربيجاني مادة وثائقية بعنوان “كيف تحول اسم مدينة خانكندي الأذربيجانية إلى ستيباناكرد؟”، تتناول تاريخ مدينة “خانكندي” القديمة، وسياسة الأرمنة الخبيثة التي مارسها الأرمن على الأراضي الأذربيجانية القديمة، حيث تم تهجيرهم إلى منطقة “قراباغ الجبلية” بموجب معاهدة “تركمنشاي” المبرمة بين روسيا وإيران سنة 1828م.

قراباغ هي أذربيجان

ولكي نعرف ما حدث لابد أولا الإجابة عن تساؤل مهم وهو كيف تحول اسم مدينة خانكندي الأذربيجانية إلى ستيباناكرد؟..

إن الأمير “إبراهيم خليل خان” ابن الأمير “باناه علي خان” أمير “قراباغ” ومؤسس مدينة “شوشا” عام 1752م أمر أثناء بناء مقر صيفي له بإنشاء مجمع سكني في منطقة خلابة عند سفح جبل “شوشا” لقضاء أشهر الخريف والشتاء الباردة. وسُميت هذه المنطقة “خانكندي” (أي بلدة الأمير) نسبة للأمير “إبراهيم خليل خان”.

وفيما بعد أهدى “مهدي غولو خان” ابن “إبراهيم خليل خان” لزوجته الحبيبة “بريجهان باييم” مدينة “خانكندي” التي كانت أسرته وأقاربه المقربون يقضون أشهر الشتاء فيها.

وقد تمركز فيلق سلاح الفرسان العسكري الروسي في “خانكندي” بعد معاهدة “كوراكتشاي” المبرمة في 14 مايو 1805م، التي أضفت الطابع الرسمي على ضم إمارة “قراباغ” إلى روسيا، ومعاهدة “جولوستان” المبرمة في 12 أكتوبر 1813م، مما أدى إلى تعكير صفو الحياة الهادئة والمزدهرة في البلدة.

ومع الوقت تم تهجير عدد كبير من العائلات الأرمينية إلى هذه المنطقة من إيران القاجارية والإمبراطورية العثمانية بعد إبرام معاهدة “تركمنشاي” في 10 فبراير عام 1828م. وعلى الرغم من أنه أُتيح لهم فرصة العمل والتسليح في الوحدات العسكرية للتابعة لجيش القيصري، والدوائر الحكومية، فإن تسمية هذه المنطقة وردت في جميع الخرائط العسكرية والمدنية لروسيا القيصرية في القرن التاسع عشر تحت اسم “خانكندي”.

وأصبح الأرمن الذين استغلوا الوضع بعد الحرب العالمية الأولى أكثر نشاطا مع وصول البلاشفة إلى السلطة في روسيا، وبدأوا في القيام باحتلال جشع للأراضي في القوقاز، وفي تنفيذ سياسة الأرمنة الخبيثة التي لم يتمكنوا من تنفيذها في الإمبراطورية.

وكانت أولى ثمار هذا النشاط بمساعدة السياسة البلشفية إنشاء دولة “أرمينيا السوفيتية” على أراضي مدن “إيرفان” و”نختشيفان” و”زنجزور” الأذربيجانية لأول مرة في التاريخ.

وبعد فترة أي في عشرينيات القرن الماضي، بدأ الأرمن -الذين لا تنتهي أطماعهم في الأرض، والذين لم يكتفوا بهذه الأراضي – بتسويق مزاعمهم بشأن المطالبة بأراضي “قراباغ” في أذربيجان. وبدأوا بمساعدة القوات المسلحة الروسية في طرد الأذربيجانيين المسالمين الذين أعطوا من أراضيهم الأصلية للأرمن أرضاً للعيش فيها. وأدت الاستفزازات الإجرامية والقتل الجماعي للأذربيجانيين إلى إنشاء “إقليم قراباغ الجبلية ذات الحكم الذاتي” داخل أذربيجان في عام 1923م.

وجرى تغيير اسم مدينة “خانكندي” إلى “ستيباناكرت” بقرار “سيرجي ميرونوفيتش كيروف” الروسي الأصل الذي عينته موسكو رئيسا لأذربيجان في عام 1923م. ويأتي اسم “ستيباناكرت” نسبة إلى “ستيبان شاؤُميان” زعيم البلاشفة الأرمن الذي قاد شخصيا المذابح التي راح ضحيتها أكثر من 20 ألف أذربيجاني، وأسس الديكتاتورية السوفيتية في باكو.

واندلعت مظاهرات غير قانونية بداية من عام 1988م للمطالبة بفصل “إقليم قراباغ الجبلية ذات الحكم الذاتي” عن أذربيجان وإلحاقها بأرمينيا، وذلك بتمويل من شبكة الشتات الأرميني الموجودة في دول أجنبية ومنظمة المبعوثين القوميين. وكان الهدف الأول لهذه الحركة المسماة بـ “ميآتسوم” هو تطهير مدينة “خانكندي” عاصمة الإقليم من السكان الأذربيجانيين، والقضاء على الأثر الأذربيجاني بشكل عام، وتدمير المساجد والمعالم التاريخية من خلال أرمنة أسماء الحدائق والشوارع والمرافق الثقافية والتعليمية.

وقام المتطرفون الأرمن الذين حصلوا سريا على الموافقة من موسكو – أي من الأمين العام للحزب الشيوعي الروسي “ميخائيل غورباتشوف” وزوجته “رايسا غورباتشوفا” بعمل سلسلة من الهجمات الإرهابية في هذا الاتجاه. وكان أول ضحايا هذا الإرهاب هو طلاب أذربيجانيين يدرسون في جامعة “خانكندي”، حيث أصبح هؤلاء الشباب أول ضحايا حرب “قراباغ” التي استمرت على مدى سنوات عديدة. وشهدت تلك السنوات إحراق منازل الأذربيجانيين الذين لا يريدون مغادرة أراضيهم الأصلية، وتعرض السكان للتعذيب النفسي والجسدي.

وفي سبتمبر 1988م، طرد الأرمن جميع الأذربيجانيين الذين يعيشون في “خانكندي” منها بقوة السلاح، ونقلوا عددا كبيرا من معدات المصانع والمعامل التي تم بناؤها بتمويل من الدولة الأذربيجانية إلى أرمينيا… وخضعت الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية الموجودة في “قراباغ” الجبلية لسيطرة الوحدات العسكرية الأرمينية والجماعات الإرهابية بطرق غير شرعية.

واجتاحت الأحداث التي شهدتها “خانكندي” جميع أرجاء “قراباغ” في سلسلة من ردود الفعل… وتمت بالكامل في غضون بضعة أشهر أرمنة  ذلك “الإقليم ذات الحكم الذاتي” الذي كان معظم سكانه من الأذربيجانيين. واستمرارا لجشعهم في اغتصاب الأراضي، استغل الأرمن الوضع الاجتماعي والسياسي غير المستقر في تلك الفترة في أذربيجان التي اتخذت خطواتها الأولى بوصفها دولة مستقلة حديثا عن الاتحاد السوفيتي، وقاموا في الفترة  بين عامي 1992-1993م باحتلال سبع محافظات أذربيجانية لا وجود للأرمن بها، وهذه المحافظات هي “لاتشين”، و”كالباجار”، و”أغدام”، و”فضولي”، و”جبرائيل”، و”قوبادلي”، و”زانجيلان”.

إن المحادثات الدبلوماسية حول إعادة الأراضي الأذربيجانية المحتلة منذ سنوات طويلة، وطرد المعتدين الأرمن من هذه الأراضي وكذلك القرارات الأربعة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم تسفر عن أية نتائج. وأدى تجاهل المجتمع الدولي والسياسة العالمية لهذا الظلم التاريخي والإنساني على مدار سنوات عديدة إلى مزاعم إقليمية جديدة للأرمن المعتدين من خلال تدخل عسكرية في محافظة “طوفوز” بأذربيجان، والتي تقع بعيدا عن منطقة “قراباغ” (12 يونيو عام 2020م).

وانتهك الأرمن هدنة وقف اطلاق النار في 27 سبتمبر عام 2020م، مما أدى إلى اندلاع حرب استمرت 44 يوما، وأصبحت هذه الحرب مصدرا لشرف وفخر الشعب الأذربيجاني للأبد. وخاض الجيش الأذربيجاني المنتصر تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة “إلهام علييف” معركة باسلة من أجل تحرير أراضيه التي دمرها الأرمن المعتدون، ومن أجل رفع العلم الأذربيجاني ذي الألوان الثلاثة على أراضيهم الأصلية باذلين في ذلك أرواحهم ودمائهم .

وقد سُطر يوم العاشر من نوفمبر في تاريخ أذربيجان بأحرف من نور بوصفه يوم نصر مجيد، حيث تم فيه استعادة وحدة أراضي أذربيجان.

زر الذهاب إلى الأعلى