يحيى عطية غازي يكتب: مصر وصية النبي العدنان

سألت أحد الرحالة: ما أعظم البلاد التي زرتها؟!..

فقال دون تردد: مصر الكنانة والجنان والأمان، وهي صورة تجلي الرحمن، نبع الحنان، ووصية الرسول العدنان، درة الشرق، وللاستعمار غصة في الحلق، نيلها أبي، وهرمها شامخ، وجذرها ثابت وفرعها في السماء.

قلت: كل إنسان يقول ذلك في بلده!!.

قال: يا ولدي كلامي عن مصر ليس بالهزل ولا الهزي، إن كلامي جاء من كتاب ربنا فهو القائل: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)، ومن الأمان تنبت الجنان بفضل تجلي الرحمن فكانت للأرض بركة وبرهان، وهي للأرض مخزن للطعام، فيها يجد الغريب الملجأ والحصن.

قلت: هلا طفت بي في رحاب مصر وفضلها؟

قال: يا ولدي بلد ذكر في قرآننا ثمانية وعشرين مرة وقيل اكثر من ثلاثين كناية أو تصريحا، ألا يكفيك هذا فضلا وتشريفا.

قلت: زدني وعلمني لعل قومي يعلمون.

قال: هل قرات قول الله: (كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم). قلت: نعم.

قال: هل تعلم تفسيرها قلت: علمني.

قال: قال الكندي: لا يعلم بلد في أقطار الأرض أثنى الله تعالى عليه في القرآن العظيم بالمقام الكريم غير مصر…هل هذا يكفيك؟.

قلت: زدني.

قال: يا بني قال عبد الله بن عمر: قسمت البركة عشرة أجزاء، ففي مصر تسع، وفي الأرض كلها واحد، ولا تزال في مصر بركة أضعاف ما في جميع الأرضين.

قلت: لماذا يحب مصر كل من يدخلها؟

قال: هي دعوة يوسف عليه السلام لما دخلها؛ حيث قال: “اللهم إني غريب فحببها إلي وإلى كل غريب”.

قلت: لماذا مصر دون بقية بلاد العرب يخططون لهدمها؟

قال: يا بني سلطان مصر سلطان الأرض كلها، وصدق القائل:

إذا البلاد افتخرت لم تزل

مصر لها عز وتفضيل

وكيف لا تفخر مصر وفي

أرجائها السلطان والنيل

هي أرض نيلها عجب، وأرضها ذهب، ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء، وثلاثة أشهر مسكة سوداء، وثلاثة أشهر زمردة خضراء، وثلاثة أشهر كهربة صفراء.

قلت: هل تلخص لي ما قلت؟

قال: اسمع قول الصلاح الصفدي يلخص ما قلت:

من شاهد الأرض وأقطارها

والناس أنواعا وأجناسا

ولا رأى مصرا ولا أهلها

فما رأى الدنيا ولا الناسا

فقلت: صدقت، وتذكرت قول ابن الوردي:

ديار مصر هي الدنيا وساكنها

وهم الأنام فقابلها بتفضيل

يا من يباهي ببغداد ودجلتها

مصر مقدمة والشرح للنيل

ثم قلت له: هل انتهى الكلام عن مصر؟

قال: يا بني لو جلسنا نذكر فضلها وخيرها لسهرنا الأيام والليالي…يا أبناء مصر إن تعدوا نعمة ربكم على بلدكم ما أحصيتم ذلك…قم يا بني وطب نفسا.

قلت: بماذا تنصح أبناءها؟

قال: لا تقلق فأبناؤها في رباط إلى يوم الدين، فهي محفوظة بحبل الله المتين.

قلت: إلى أين تذهب الآن؟

قال: أكتب وصيتي بأن أدفن في أرض الأديان.

تعليق واحد

  1. لا فض فوك ياصديقي العزيز وأدام الله علينا حب بلدنا ووطننا مصر ولا يعرف قدر مصر أكثر ممن فارقها وذاق الغربة

زر الذهاب إلى الأعلى