كيف أثرت التكنولوجيا على ذواتنا.. 3 شخصيات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي





الشيماء أحمد فاروق



نشر في:
الإثنين 5 فبراير 2024 – 10:53 ص
| آخر تحديث:
الإثنين 5 فبراير 2024 – 10:53 ص

تشغل تأثيرات منصات التواصل الاجتماعي على البشر عقل الباحثين، لذلك يهتم كثير من المتخصصين النفسيين بتفكيك تأثيرها على شخصية الفرد، وتشير الدكتورة تشي وانغ أستاذ علم النفس والعلوم المعرفية في جامعة كورنيل، في أحدث المقالات التي نشرت في هذا الصدد، إلى أنه في عصر الإنترنت، يشكل الناس هوياتهم من خلال ما يضعونه على الإنترنت وكيفية نشره، وذلك وفقا لمجلة سيكولوجي توداي.

تقول وانغ إننا لدينا 3 ذوات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي: الذات التي نعتقد أننا عليها (المُمثلة)، وأخرى كيف نقدم أنفسنا عبر الإنترنت (المسجلة)، وثالثة تعبر عما يعتقده مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الآخرون عنا (المستنتجة).

تعرف وانغ، الذات الممثلة، وهي التي تتكون من خلال تجاربنا وتفاعلاتنا مع الآخرين ومع العالم الفعلي حولنا، والتي تطور إحساسًا بمن نحن: الأشياء التي نحبها (على سبيل المثال، القراءة، الطبخ، المشي لمسافات طويلة)، خصائصنا الشخصية (على سبيل المثال: مضحك، منفتح)، والعلاقات المهمة في المنزل والعمل، وهوياتنا الاجتماعية (على سبيل المثال، المهنة، والانتماء السياسي، والدين)، وهذه هي الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا بشكل خاص.

ويظهر الشكل البدائي للذات الممثلة في نهاية السنة الثانية من العمر تقريبًا عندما يبدأ الأطفال في التعرف على أنفسهم في المرآة. تصبح الذات الممثلة غنية ومعقدة بشكل متزايد مع استمرارنا في تجربة العالم، وهي بدورها تشكل تجربتنا وسلوكنا.

أما الذات المسجلة، فترى وانغ، أنها تكونت مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان، حيث ننشر عبر الإنترنت آراءنا وتجاربنا مع تطور حياتنا، ونشارك المعلومات التي نعتقد أنها قد تكون مفيدة أو مثيرة للاهتمام للآخرين، ونعيد نشر منشورات الآخرين ونعجب بها ونعلق عليها، نحن نفعل هذا في المقام الأول للتعبير عن أنفسنا وللشعور بالارتباط الاجتماعي، وأيضا نشارك أشياء عبر الإنترنت للإقناع أو الإعلام أو طلب المشورة أو التعاطف.

توضح وانغ: “من خلال أنشطتنا عبر الإنترنت نكتسب امتدادًا رقميًا لهويتنا، وهو ما أشير إليه باسم الذات المسجلة، إنها الطريقة التي نقدم بها أنفسنا للآخرين في المجال العام المفتوح لمنصات التواصل الاجتماعي، وتعكس غالبًا الطريقة التي نود أن ينظر بها الآخرون إلينا، ونتيجة لذلك، فإننا نميل إلى أن نكون انتقائيين فيما يتعلق بما نشاركه، مثل أن يكون أكثر إيجابية، وأكثر أهمية، وأكثر إثارة للاهتمام”.

تصف وانغ، الذات المسجلة أنها في حالة تغير مستمر وسريع على عكس الذات الممثلة، وذلك لأنها تخضع لمعايير منصات التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال “نقوم بتعديل ما ننشره وكيف ننشره بناءً على تعليقات جمهورنا/ متابعينا ونستمر في طرح أشياء مماثلة عندما تتلقى منشوراتنا العديد من الإعجابات والتعليقات، ونغير المواضيع عندما لا تثير منشوراتنا أي استجابة، ونلجأ لأدوات التواصل الأكثر تواصل مثل البث المباشر أو القصص القصيرة”.

أما الذات المستنتجة فهي الصورة الذهنية التي يكونها الآخر نتيجة الذات المسجلة، تُضيف وانغ: “يشكل جمهورنا انطباعًا عن هويتنا بناءً على منشوراتنا على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال تفاعلهم بطرق مختلفة مع منشوراتنا، ولأن منشوراتنا غالبًا ما تكون عبارة عن أجزاء متناثرة من المعلومات حول ما فعلناه أو ما نفكر فيه دون وجود رابط منطقي واضح فيما بينها، يجب على المتابعين/ الأصدقاء الافتراضيين ربط النقاط للوصول إلى فهم من نحن، ونتيجة لذلك يمكن أن تحدث تناقضات لدرجة أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين لا يروننا بالضرورة بالطريقة التي نرى بها أنفسنا”.

تشير وانغ إلى أن ذواتنا الثلاثة هي مكونات مترابطة للذات الديناميكية الفريدة من نوعها في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تشمل الأصالة الذاتية، وترتكز على أسس اجتماعية، وتدعمها الأدوات التكنولوجية، وإن فهم تعقيدات إحساسنا بالذات يساعدنا على التنقل بفعالية في عالم الوسائط الرقمية.

زر الذهاب إلى الأعلى