تصدر في المكتبات خلال الأيام المقبلة رواية “فتاة آل عثمان” لمؤلفها نقولا الحداد ، والتي حققها وأخضعها للدراسة التاريخية الباحث والإعلامي محمد أبوبكر .
يقول أبو بكر : تعد الرواية مفتتح و محرض قوي علي إعادة قراءة مشاهد النهاية في الدولة العثمانية، أشبه بترجمة ذاتية جديدة للسلطان عبد الحميد الثاني، وفق معلومات جديدة لم تتح في كتاباتٍ سابقة ،فهي تقدم صورة تشريحية لبلاط آخر خلفاء العثمانيين، ومن ثُمَّ طرح مشهد النهاية من جديد مع ضم الشخوص الأكثر ضلوعاً في إخراج هذا المشهد وأهمهم شيخ مشايخ السلطنة أبو الهدى الصيادي، صاحب الشخصية الغرائبية والجدلية .
ويوضح الباحث أنه بدءً من التاسع والعشرين من مايو عام 1922م بدأت مجلة اللطائف المصورة في نشر رواية بعنوان (فتاة آل عثمان) لمؤلفها نقولا أفندي الحداد، نُشِرَت مسلسلةً في حلقاتٍ أسبوعية على مدار اثنين وثلاثين حلقة. فهذه الرواية رغم أهميتها كنصٍّ روائي مبكر وكتعبيرٍ عن دور الأدب والفن في متابعة الأحداث السياسية والاجتماعية، إلا أنها لم ترد في حصر الباحثين والدارسين المهتمين بتاريخ الرواية العربية، وربما يعود ذلك إلى غزارة إنتاج المؤلف نقولا الحداد الذي كتب ونشر العديد من الروايات التي اهتمت أيضاً بالبعد الاجتماعي والثقافي والتاريخي في مصر والعالم العربي.
ويؤكد أبو بكر : (فتاة آل عثمان) تحديداً تمتلك أهميةً مزدوجة في سياق اهتمام الإبداع برصد التحولات السياسية والثقافية في المجتمع المصري والعربي، حيث إنها نُشِرَت في توقيت مبكر وعهدٍ قريب بحدثين كبيرين، الأول هو الانقلاب العثماني عام 1908م والثاني هو الحرب العالمية الأولى، وللحادثين أهمية كبري وانعكاس خطير على مصر والمنطقة العربية.
ويضيف : الانقلاب العثماني كان تتمةً لحركاتٍ سياسية ضمت تياراتٍ متعددة في الدولة العثمانية. حيث كان انقلاب عام 1908م تتويجاً لنشاط هذه الحركات في تحديث نظام الحكم وتمكين الدستور والديمقراطية وإطلاق الحريات ،وقد تأثرت سائر البلاد العربية التي كانت واقعةً تحت الحكم العثماني المستبد بهذا الحدث الخطير في استكمال مسيرة النضال والتحرر. وبالقطع غير خافٍ أثر الحرب العالمية الأولى في شتي مناحي الحياة في مصر والوطن العربي.
ووفقا لما يقوله الباحث : تأتي هذه الرواية بمشاركةٍ حماسية من مؤلفها نقولا الحداد صاحب المشروع التنويري، وأحد المبشرين بأفكار الحداثة الأوربية في العلم والفكر والفلسفة، والذي مثَّل له الانقلاب العثماني وتمكين الدستور أهميةً خاصة جعلته يقرر العودة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصر أملاً في انطلاقةٍ جديدة صوب التنوير والحرية للشعوب العربية.
ويوضح : (فتاة آل عثمان) رغم أنها تأتى في طورٍ بدائي من الناحية الفنية، فضلاً عن الخطابية والتعليمية المباشرة في لغتها وحواراتها، إلا أنها تمثل وثيقةً تاريخية، ليس حسب في تاريخ الرواية العربية، وإنما هي وثيقة هامة في التاريخ الحديث، حيث تكشف جانباً من جوانب شخصية السلطان عبد الحميد الثاني، الذي اشْتُهِرَ بالدهاء السياسي والرؤى الإصلاحية التي لم تسعفها الظروف في التحقق على أرض الواقع.
ويضيف : الجانب الذي توضحه (فتاة آل عثمان) هو العقلية التي حكمت سياسة عبد الحميد في الاعتماد على غيبيات وخروقات المتصوفة في إدارة واستشراف الوقائع السياسية. وهذا الأمر لم يكن مجرد شطحاتٍ روائية، حيث إن تتبع جذور شخصيات الرواية في الواقع يؤكد الكثير في هذا السياق.
تصدر الرواية عن “بورصة الكتب للنشر والتوزيع” خلال الأيام المقبلة .