خبيران يكشفان قصة صعود أذربيجان وتحولها إلى مركز إقليمي للطاقة

خلال أقل من ثلاثون عامًا نجحت جمهورية أذربيجان في عملية التحول لمركز إقليمي للطاقة، وأصبحت بؤرة اهتمام العالم، بفضل حسن إدارة الموارد الطبيعية من النفط والغاز التي حبا الله بها تلك الدولة، وقرار الرئيس الراحل حيدر علييف التخلي عن الاقتصاد المخطط في عهد الحقبة السوفيتية، وحولها إلى اقتصاد السوق الحر، ووضع أساس الإستراتيجية الوطنية للطاقة والتي لعبت دورا مهما في إحياء ازدهار وتقدم الدولة.

فقد نجحت أذربيجان في سبتمبر 1994 في توقيع «عقد القرن» بقيمة عدة مليارات من الدولارات مع شركات النفط متعددة الجنسيات لتطوير حقول النفط البحرية في الجزء الأذربيجاني من بحر قزوين، ثم جاءت المبادرة الأذربيجانية بتنشيط «طريق الحرير» التاريخي مع الصين ودول أخرى، لتقوية التعاون الاقتصادي والتجاري بين وسط آسيا، وجنوب القوقاز، وأوروبا، تم إقرار الدستور الجديد عبر التصويت على مستوى البلاد بأكملها في 12 نوفمبر 1995 كجزء من العملية الأوسع لبسط الديمقراطية في ربوع أذربيجان وكنتيجة عملية لتطبيق أذربيجان للمعايير الديمقراطية، تم ضمها إلى المجلس الأوروبي في 2001.

وعن تلك الرحلة، يحكي لنا اثنان من الخبراء بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الوطنية الأذربيجانية عن بعض التفاصيل..

في البداية، قال الدكتور سبحان طالبلي الأستاذ بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الوطنية الأذربيجانية إن جمهورية أذربيجان تلعب دورًا مهمًا في ضمان إمدادات الطاقة للدول الأوروبية، وأن بلاده الأكثر استقرارا و تطورا في المنطقة في السنوات الأخيرة بفضل حسن إدارتها لمواردها الطبيعية الغنية .

وأوضح طالبلي أن  «عقد القرن» الذي تم توقيعه في عهد الزعيم حيدر علييف بين أذربيجان والشركات النفطية العالمية، بخصوص تصدير النفط عام 1994، خلق ظروفا مواتية لتطوير القطاع غير النفطي في البلد مع ضمانة الاستقلال الاقتصادي للدولة، خصوصًا وأن تلك الاتفاقية –وفقًا للباحث- اهتمت بتطوير البنية التحتية وبناء خطوط الغاز والأنابيب العابرة للقارات في تصدير النفط للعالم، مثل محطة “سانغاشال” الساحلية وخطوط الأنابيب البحرية وأنابيب التصدير واسعة النطاق التي اعتبرها إنجازات غير مسبوقة حققت نقلة نوعية لأذربيجان في عصر النفط الجديد، مضيفًا أنه بعد ثلاث سنوات من توقيع “عقد القرن” بدأ إنتاج النفط من بحر قزوين وبمرور الزمن ازداد الإنتاج تدريجيا نتيجة الأعمال البنائية التي تم تنفيذها ضمن مشروعي “آذري-جيراق” و”جونشلي” .

أوضح د. سبحان علي أكبر طالبلي أن الزعيم حيدر علييف حدد إستراتيجية النفط التي ستكون عمادا أساسيا للإصلاحات السياسية والاقتصادية في المستقبل لتحويل جمهورية أذربيجان لدولة معاصرة قوية ومستدامة ذات تنمية اقتصادية، مؤكدا على أن إستراتيجية النفط الجديدة قد أدت إلى اجتذاب المستثمرين الأجانب للمشاركة في تطوير حقول النفط الأذربيجانية وتنوع طرق تصدير النفط الخام وتأسيس الإدارة الفعالة المثمرة لعائدات نفطية ودخول أذربيجان إلى مرحلة جديدة من الازدهار.

وأضاف أنه تم توقيع الاتفاقية بناء على الفعالية المشتركة وتقاسم الإنتاج تحت قيادة الزعيم الوطني حيدر علييف في 20 سبتمبر 1994، في حقول “أذري – جيراق” و”جونشلي” في الجزء الأذربيجاني من بحر قزوين والذي يعد عقد القرن من أهم الاتفاقيات في تاريخ أذربيجان من الناحية السياسية والاقتصادية والإستراتيجية، مشيرًا إلى أن تلك الاتفاقية شكلت أساس إستراتيجية النفط وفتحت آفاقا جديدة لمستقبل البلد.

وأكد أن الرئيس الحالي إلهام علييف شارك منذ بداية حكمه بنشاط في تطوير استراتيجية النفط الجديدة، حيث كانت أشهر كلماته هي: “هدفنا ليس فقط إنتاج النفط ونقله والحصول على المال منه. هدفنا هو توجيه الأرباح النفطية إلى مصالح ورفاهية الشعب الأذربيجاني في المستقبل”.

فيما قال إلنور مصطفاييف الباحث بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الوطنية الأذربيجانية، إنه شاركت 11 شركة نفطية في “عقد القرن” بقيمة 7.4 مليار دولار و صدّق مجلس الشعب الأذربيجاني على عقد القرن في 12 ديسمبر عام 1994، مضيفًا أنه بحسب التقديرات الأولى فأن احتياطي النفط القابل للاستخراج في حقول “آذري – جيراق” و”جونشلي” في الجزء الأذربيجاني يبلغ 511 مليون طن، و لكنه وفق التقديرات الجديدة تم تحديد احتياطي النفط بمقدار 1.072 مليار طن. تجدر الإشارة إلى انه بعد عقد القرن تم توقيع 26 اتفاقية أخرى مع 41 شركة نفطية تمثل 19 دولة. بحلول عام 2017 تم استثمار حوالي 33 مليار دولار في تطوير الاحتياطيات النفطية البحرية الأذربيجانية و تم استخراج 3.2 مليار برميل من النفط من حقول “آذري – جيراق” و”جونشلي” وكذلك تم استخراج 30 مليار متر مكعب من الغاز.

وأكد على أن توقيع “عقد القرن” وضع أساسًا لمرحلة جديدة في إستراتيجية النفط الأذربيجانية، ما أدخل البلاد في حقبة جديدة في تاريخها الحديث كان كضمانة إضافية للأمن السياسي والاقتصادي وأيضا استثمارات جديدة رفعت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي و فتحت سوق الأعمال وحسنت من رفاهية الشعب.

أوضح د. سبحان علي أكبر طالبلي أنه تم اكتشاف حقل “شاه دنيز” أحد أغنى حقول الغاز في العالم من قبل الجيولوجيين الأذربيجانيين في منتصف القرن الماضي ولكن تم إيقافه بسبب نقص التقنيات المطلوبة ولم يتم تحديد إمكانات الحقل، لكن بعد استقلال أذربيجان اكتشفت الشركة الحكومية النفطية الأذربيجانية مع الشركات النفطية العالمية أن ذلك الحقل غنيا بالغاز وكانت النتيجة أكثر من المتوقع ويُحتمل أن الحقل الغازي يحتوي على 1.2 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي ويُعد احد من حقول الغاز العملاقة الفريدة في العالم. أن اكتشاف حقلي “أوميد” و”أبشيرون” في السنوات التالية يؤكد الاحتياطيات الغازية الكبيرة لدى أذربيجان.

زر الذهاب إلى الأعلى