هشام الهبيشان يكتب: ما بعد 19 عامًا من سقوط العراق.. بلاد الرافدين إلى أين؟!

مازال العراق الجريح منذ 19 عاماً من غزو التحالف الأمريكي – الصهيوني، وبشراكة من بعض العرب، غارقًا في الفوضى والفساد والصراع الداخلي المدعوم بأجندة خارجية، ولم نر للآن تلك الوعود الأمريكية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والأمن وو…إلخ؟ واليوم بعد 19 عامًا نرى ببساطة تلك الوعود الأمريكية تتحقق من خلال حالة رهيبة من الفساد والظلم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق .

اليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أمريكا وبعض حلفائها الذين شاركوا بمؤامراة اسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أن استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها تقسيم العراق وإن أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث ،والسؤال أين كان العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم !؟ وهنا طبعاً لأمريكا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتيه التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ أمريكي بالمنطقة العربية.

واليوم بالعودة إلى الشق الإنساني بالداخل العراقي وهم الأهم ومحور حديثنا هنا، فما زال مسار الصراع على الأرض العراقية منذ 19 عامًا يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكل تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتويه، فما زالت نار الحرب تضرب بقوة بمجموعها كل مقومات العيش بحده الأدنى للمواطن العراقي، وبخاصة بمناطق غرب وشمال غرب وجنوب العراق،.

والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، فاليوم بالعراق هناك مناطق بأكملها لا يوجد بها لا ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وان وجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمى «بتجار الأزمة أو بتجار الحرب العراقيون»، لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا، فالواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 19 عاماً ، ان الخاسر الوحيد منه ومن كل ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط.

وهنا يمكن القول من الواضح أنه وبعد 19 عاماً من الغزو الأمريكي – الصهيوني للعراق، وبشراكة من بعض العرب، أن مؤامراة الحرب على العراق، قد حققت الكثير من أهدافها للأسف، وهذه الأهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها بالعراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية ، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو-سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «إسرائيل» والطاقة وجملة مواضيع اخرى ،وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي.

ختاماً، ان تطورات الاحداث في العراق منذ 19 عامًا، تؤكد بما لا يقبل الشك ان مسار وتداعيات مؤامرة اسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيون وعلى المنطقة العربية والإقليم بمجموعه، والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني، وهنا أود أن أطرح سؤالاً ليترك برسم الإجابة عند العراقيون، ومضمون السؤال هنا موجه لكل مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق الى أين يتجه بعد 19عاماً من الغزو الأمريكي – الصهيوني ؟ وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والاستقرار التي وعدتكم بها أمريكا !؟

*كاتب وناشط سياسي – الأردن

زر الذهاب إلى الأعلى