مرسى عطا الله يكتب: قوت المواطن خط أحمر!

يخطئ من يظن أن العودة للتسعيرة الإرشادية ذات الصفة الجبرية للسلع الأساسية، مثل الخبز تمثل رجوعا عن نظام حرية السوق لأن مثل هذا التصور يعكس فكرا «سطحيا» لا يجوز لأحد الترويج له والذى فعلته الدولة بتوجيه عاجل وحاسم من الرئيس السيسى للتصدى لجشع التجار يعبر عن قدرة القيادة السياسية على النفاذ إلى فهم طبيعة الظروف العالمية الطارئة التى نعيش فيها بسب تداعيات القلق والاضطراب الاقتصادى الناجم عن الأزمة الأوكرانية.

إن أى نظام اقتصادى لابد أن يكون قابلا للتعديل والتطويع والتطوير، بالدرجة التى توفر للدولة القدرة على تحمل مسئولياتها الصعبة عند نشوب الأزمات الطارئة، وبما يضمن حماية الحد الأدنى الواجب والمطلوب من استحقاقات البعد الاجتماعى للغالبية العظمى من المواطنين، وهذا هو ما ذهب إليه الرئيس السيسى دون إبطاء ودون أن يتوقف أمام المسميات الفارغة والتنظيرات الفلسفية فالمهم عند أى قيادة سياسية حكيمة أن تمنع أسباب نشوب الحرائق حتى لا تضطر بعد ذلك إلى استخدام خراطيم الإطفاء!

وبمقدورى أن أقول بضمير خالص: إن توجيه الرئيس السيسى للحكومة بسرعة تسعير رغيف الخبز الحر يؤكد عمق إيمان الدولة المصرية بحق المواطن المصرى فى ضمان قوته الأساسى باعتبار أن ذلك حق مطلوب لا تصده عقبات أو يحجبه ضباب النظريات الاقتصادية المجردة وذلك تحت مظلة اليقين بأن التصدى لمن يحاولون استغلال نظام حرية السوق ضد طبيعته يؤكد تصميم الدولة على وضع الحدود التى لا تسمح باستغلال الأزمات والمتاجرة فى قوت الشعب!

بل إن بمقدورى أن أقول أيضا ــ فى حدود حق الاجتهاد ــ إن توجيهات الرئيس السيسى جاءت تعبيرا عن المفهوم الصحيح لمبدأ المواطنة الذى يمثل ركنا أساسيا ضمن المبادئ الدستورية الحاكمة للعقد الاجتماعى المتراضى عليه بين الدولة والشعب.

ثم لعلى أقول صراحة: إن المسألة ينبغى فهمها بأكثر من كونها توجيها سياسيا رشيدا وإنما المسألة أكبر وأعمق من ذلك بكثير وتحتاج من الحكومة ومن الشعب إلى قراءة متعمقة لأنها عنوان لطريق ينبغى الالتزام بالسير عليه فى مواجهة أى أخطار أو أزمات طارئة تحت مظلة الوعى والفهم المشترك بين الدولة وبين المواطن بعد إزالة كل ما يصنع التناقض بينهما!

والدرس المستفاد هو أن حرية السوق ليس مسموحا لها فى مصر أن تمس قوت المواطن ــ وعموده الفقرى رغيف الخبز ــ الذى كان ومازال وسيظل خطا أحمر فى أبجديات السياسة المصرية التى خطت سطورها الأولى ثورة يوليو عام 1952 وظلت حتى اليوم التزاما على الدولة المصرية!

خير الكلام:

نحن نحب الورد لكننا نحب الخبز أكثر ونحب عطر الورد لكن السنابل منه أطهر!

Morsiatallah@ahram.org.eg

الكاتب: رئيس مجلس إدارة الأهرام سابقًا – رئيس تحرير الأهرام المسائي سابقًا

زر الذهاب إلى الأعلى