
أيها الناس لابد أن تستبدلوا القبعات بأسماء.. من الضروري أن تكون لنا أسماء…
كثيرًا ما كان يقف وسط سوق مدينة القبعات ويصيح بهذه الكلمات بصوت عالٍ دون أن ينظر إليه أحد لأن سكان المدينة اعتادوا على وجود المتمرد، كما أطلقوا عليه…. ولسنوات طويلة ظلوا يستمعون لهذا الكلام الذي يردده دون أن يغيروا شيئًا من أسلوب حياتهم التي ورثوها عن أجدادهم منذ آلاف السنين. فمدينة القبعات كل من يعيش فيها لا يحمل اسمًا بل جميع من بها يرتدون قبعات تعبر عن وظائفهم.
فحاكم المدينة له قبعة تحمل شكل التاج لا يرتديه أحد غيره من السكان، وكل وزير له قبعة مميزة. أما سكان المدينة فكل حسب وظيفته ..
الخباز يرتدي قبعة على شكل رغيف الخبز والمعلم يرتدي قبعة تحمل قلمًا والطباخ يرتدي قبعة تشبه الملعقة، أما الطلبة فلهم قبعات متشابهات.
والذين لا يعملون لهم قبعات مختلفة، والنساء كل سيدة لها قبعة تشبه قبعة زوجها، فزوجة المعلم ترتدي قبعة على هيئة قلم وزوجة الطباخ ترتدي قبعة تشبه قبعة زوجها، وزوجة النجار والطبيب والحداد والحارس ورجال الشرطة لهم قبعات مميزة، حتى اللصوص صنعوا لهم قبعات تشبه بوابة السجن..
فسكان المدينة ليس لهم أسماء بل يتعارفون فيما بينهم بصاحب قبعة المعلم. أو السيدة التي تحمل قبعة المعلم، الوحيد من سكان المدينة الذي لم يرتد قبعة هو المتمرد وهي صفة أطلقها عليه سكان المدينة لأنه رفض أن يرتدي أي قبعة وطلب من حاكم المدينة أن يغير نظامها ويصدر مرسومًا بأن تُلغى القبعات ويسمى الناس بأسماء وتكون لهم صفات، لكن الحاكم رفض بشدة وعلل ذلك بأن المدينة منذ آلاف السنين وسكانها يعيشون بلا أسماء فكيف نغير ما ورثناه عن أجدادنا؟.
فأجابه المتمرد: بأن الظروف تغيرت، فالمدينة أصبحت مليئة بالغرباء والوافدين عليها من المدن الأخرى للعمل وللتجارة.. هذا بالإضافة إلى أننا لا نعرف تاريخ من سبقونا ولا نعرف أسماءهم فقبعاتهم تشبه القبعات التي يرتديها سكان المدينة الآن لم يتغير شيء لابد أن نبحث عن جديد ونغير من أنفسنا.
تعب المتمرد كثيرًا من جهل أهل المدينة وعدم رغبتهم في التغيير وحزن حزنًا شديدًا..
وقرر أن يعتزلهم ويبتعد عنهم ويذهب إلى حدود المدينة لأنها أرض خصبة يعيش على زراعتها صديق المتمرد هو وأسرته، الذي سبق له أن نصح المتمرد بالذهاب معهم والابتعاد عن هذه المدينة الجاهلة..
بعد أن قرر هو الابتعاد ونجاب أسرته واختار لهم أسماء حرص على تسجيلها في سجلات احتفظ بها، وعلم أحد أبنائه أن يسجل ويصف كل ما يحدث في يوم العائلة ولأنهم يعيشون على حدود المدينة في منطقة مرتفعة يستطيعون من خلالها رؤية كل من يدخل المدينة أو يخرج فهو أيضًا يسجل كل من يدخلها أو يخرج منها مع وصفهم.
عندما وصل المتمرد إلى منزل صديقه سعد بقدومه وأخبره بأسماء عائلته الجديدة ووظائفهم، ولم يتمالك المتمرد نفسه وصاح بصوت حزين أتمنى أن تدرك مدينتي قيمة الأسماء والوظائف وأهمية أن نسجل تاريخنا.
عاش المتمرد سعيدًا مع أسرة صديقه بعد أن اختار له اسمًا ……………………………………
أما ما حدث في مدينة القبعات فلم يتغير شيء منذ أن خرج منها المتمرد لكن خلف أبواب القصر كانت تحاك مؤامرة، فأهلها لا يشترون شيئا ولا يبيعون، حكومة المدينة توفر لهم كل ما يحتاجون إلية كما أنهم لا يزرعون شيئا ولأنهم أغنياء بما يقذفه لهم البحر سنويا من أعداد هائلة من المحار المليء باللؤلؤ الذي يجمعونه ويخزنونه في مخازن القصر ليشتروا بة كل ما يحتاجون إلية من طعام وكساء ودواء من المدن المجاورة لهم وبدون اللؤلؤ سيموتون جوعًا ومرضًا ……………………………
وما حدث أن طباخ القصر اتفق هو وحارس مخازن اللؤلؤ أن يسرقوا اللؤلؤ ليلًا،وأهل المدينة نيام ولكن قبل أن يفعلوا ذلك وبعد أن نام الجميع بدلوا كل القبعات حتى أنهم استبدلوا قبعة حاكم المدينة بقبعة خباز القصر وأخفوا كل قبعات رجال الشرطة وحرقوا مخزن القبعات وسرقوا اللؤلؤ وهربوا
…………………………………………………
وأثناء خروجهم من المدينة وهم يحملون أجولة اللؤلؤ تصادف أن مروا بجوار منزل صديق المتمرد الذي اعتاد ابنه أن يستيقظ مبكرًا قبل شروق الشمس، ويجلس على أعلى صخرة بالقرب من حدود المدينة ليسجل كل ما يمر ويصفه وصفًا كاملًا فعندما خرج سارقو اللؤلؤ من حدود المدينة شاهدهم ابن صديق المتمرد ووصفهم وما يحملون.
في المدينة استيقظ الجميع على صدمة فهم لا يعرفون حاكمهم من طبيبهم ورجال الشرطة، حائرون يبحثون عن قبعاتهم ولا يجدونها، صدمتهم الكبرى عندما دخلوا خزائن اللؤلؤ ووجدوها فارغة صرخ الجميع سنموت جوعًا، سرق اللصوص كل ما نملك كيف سنعيش؟ من أين سنشترى القمح وكل ما نحتاج إلية؟ تجمع أهل المدينة في ساحتها الكبيرة وهم يرددون لن ينقذنا إلا المتمرد هيا لنذهب إلية على حدود المدينة أسرع الجميع إلى المتمرد ودقوا بابه ودعوه ليخرج إليهم ويساعدهم،عندما شاهدهم المتمرد وقصوا علية ما حدث صاح فيهم ماذا نفعل الآن؟كثيرًا ماحذرتكم أين سنجدهم؟ هنا تحدث ابن صديق المتمرد الصغير وقال أعرف أين ذهبوا؟
………………………………………………..
سجلت ذلك في دفتري. قرأ المتمرد على الجميع “خرج رجل يرتدي قبعة تدل على أنه الخباز وآخر يرتدي قبعة تدل على أنة حارس مخازن اللؤلؤ منذ وقت قصير وتوجهوا إلى صحراء المدينة.
صمت المتمرد قليلًا وقال: والنهار لم ينتصف بعد هيا لنقبض عليهم ونعيد ما سرقوا وقبل ذلك يجب أن نتخلص من القبعات التي دمرتنا، وعندما نعيد اللؤلؤ سنعيد كتابة تاريخنا من جديد……
لم يكمل المتمرد حديثة وإذ بسكان المدينة يلقون بقبعاتهم في الهواء ويذهبون خلف المتمرد ليقبضوا على السارقين وبالفعل قبل أن ينتصف النهار قبضوا على اللصوص، وأعادوا اللؤلؤ إلى المدينة وبدءوا يبنون مدينتهم بعد أن اختاروا لهم أسماء وحدودًا، لكل واحد منهم وظيفة، واختاروا المتمرد إن يعود إلى أصدقائه البحارة الذين تركهم بعد رأى حال المدينة الغريبة ليساهم في أصلاحها لعلة يجد من خبرته النفع في وضع أهلها على الطريق الصحيح ، وبعد أن انتهت مهمته عاد إلى أصدقائه ليكمل رحلاته التي لا تنتهي .