مقالات وكتاب

محمود المناعي يكتب: مجتمع «الكبار»

قرأت منذ فترة وجيزة أن عالم المستقبليات “ألفين توفلر” أنتبه منذ وقت طويل إلي أن المجتمعات الإنسانية تسير بصورة سريعة ومقلقة نحو “التفسخ الأخلاقي” وذلك مع ازدياد حدة الحياة العصرية واندثار المجتمع العائلي ، الذي صاحبه غياب الدفء والتقارب بين أبناء الأسرة الواحدة .

العالم توفلر: توصل أيضاً إلي أن  ( مجتمع كبار السن سوف يفقد من يحنو عليهم ويكون بجوارهم، وإن العاطفة سوف تتلاشي شيئا فشيئا، وأن الأخلاقيات سوف تنهار ) ، في واقع الأمر هذه النتائج صادمه، محزنه، يعقبها تساؤلات عديدة؟ .. لكن_ عندما ننظر إلي واقعنا خلال السنوات القليلة الماضية نستشعر حقيقة هذه الدراسة وتلك النتائج، ففي سبتمبر الماضي ، كانت هناك واقعة غريبة بعض الشئ، وأن صح القول هجينه علي مجتمعنا ، وخاصة عندما يكون المجتمع صعيدي، ينبض بالعادات والتقاليد والأعراف ، يحترم ويقدر كبار السن، ويقدم لهم شتي سبل الاحترام سواء في القول أو الفعل لكن ما قام به ثلاثة شباب بمحافظة سوهاج ، وهو المجتمع الصعيدي الذي يزخر بالشهامة والرجولة، بالتنمر علي مسن، وإلقاءه في الترعة، يدل علي أننا بدأنا نفقد جزءا أصيلاً من إرثنا الإجتماعي، وإثبات لنتائج ” توفلر” بأن عاطفتنا بدأت تتلاشي شيئاً فشيئا نحو كبار السن.

ليس فقط ما حدث في سوهاج يجعلنا نستشعر ناقوس الخطر، فهناك العديد من الحوادث المماثلة تحدث يومياً ولا نعلم عنها شيئاً، لأنها لم تخرج إلي النور ولم تتناولها مواقع التواصل الإجتماعي بالنقد والاستهجان، فما نشاهده في المواصلات العامة كل يوم وخاصة عربات المترو، تؤكد حقيقة ما توصل إليه العالم ” توفلر” ،  فالشباب الذين نشاهدهم احتلوا مقاعد كبار السن، دون مراعاة لظروفهم الصحية والعمرية، وكأن المقاعد خصصت لهم، دون النظر إلي الملصقات التي تبرز حق كبار السن في هذه المقاعد ، يجعلنا نتوجس الخوف من استمرار مثل هذه التصرفات.

في النهاية .. أذكركم هنا أنني أقف صامتا مفكراً حائراً ! خوفاً وقلقا علي مجتمع كبار السن،  الذين جاهدوا في هذه الحياة وتحملوا قسوتها .. جبروتها .. استنزافها وتقلباتها ، وأيضاً خوفاً علي جيلا من شبابنا ونشئنا غاب عن بعضهم جمال عاداتنا وتقاليدنا .. فقصروا في حق الكبار .. ويبقي السؤال متي ينتهي هذا الكابوس!؟.

زر الذهاب إلى الأعلى