تحتفل طاجيكستان يوم 9 سبتمبر القادم، بالذكرى التاسعة والعشرون من عيد استقلالها الوطني بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، حيث جاء استقلال الدولة، الذي اكتسبته جمهورية طاجيكستان منذ 29 عاما، في تاريخ الشعب الطاجيكي كي يعد ظاهرة سياسية ومصيرية حيث يعتبر هذا اليوم حقا بداية فترة جديدة في تاريخ الدولة الطاجيكية ومرحلة جديدة في تشكيل التفكير وفلسفة الإدارة العامة.
بعد الاستقلال عانت طاجيكستان من الحرب الأهلية التي فرضت عليها وانشغلت بالهموم الداخلية من عام 1992الى 1997، تلك الحرب التي كانت تجر البلاد للوراء ولكن استطاعت إخماد الفتنة والفضل يعود بعد الله الى الحكومة والشعب وتغلبت الحكمة والقيادة الحكيمة للرئيس امام على رحمان في إنقاذ البلاد حيث استطاع الرئيس أن يخمد نار الحرب الأهلية في أقصر وقت ممكن معليا مصالح الشعب والوطن.
تمكنت طاجيكستان من إخماد النيران التي أشعلتها عناصر حزب النهضة الإسلامي الارهابي في البلاد عام 1992م، والتي راحت ضحيتها أكثر من مائة وخمسون ألف شخص، وحزب النهضة الإسلامي الطاجيكي قد أعلن صراحة أن مبادئه تقوم على أفكار ومبادئ تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وأنه يستوحي منهجه من كتب حسن البنا وسيد قطب ومحمد الغزالي وأبو الأعلى المودودي.
ومما لا شك أن سياسة طاجيكستان الخارجية بما تحمل هذه العبارة من معاني هي وليدة عهد الاستقلال، والتي يعد مؤسسها ومهندسها هو صانع السلام والوحدة الوطنية الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، كما أن إقامة العلاقات مع العالم الخارجي والتعريف بطاجيكستان كدولة مستقلة على الساحة الدولية كانت من أهم مجالات العمل وأكثرها تحدياً لإقامة الدولة عند فجر الاستقلال.
رئيس طاجيكستان امام علي رحمانومثلت سياسة الأبواب المفتوحة؛ جوهر سياسة طاجيكستان الخارجية، كما جاء إعلان هذه السياسة متزامنًا مع اعتماد رؤية السياسة الخارجية للجمهورية الطاجيكية التي تحدد مبادئ علاقات البلاد الدولية لمرحلة ما بعد إحياء السلام والاستقرار، وفي واقع الأمر انقضى العقد الأول من عهد الاستقلال بإعادة استقرار الوضع وتعزيز دعائم الدولة.
وما إن انتهت هذه الفترة حتى بادرت طاجيكستان بفتح أبوابها أمام دول العالم، حيث أقدم زعيم الدولة الذي بيده تحديد مسار السياسة الخارجية للبلاد، على إعلان سياسة الانفتاح ليدشن مرحلة جديدة لعلاقات طاجيكستان الدولية واستقطاب الاستثمارات الخارجية للنهوض بالبلاد، وهذه السياسة تؤتي ثمارها إلى الآن.
في البداية كان بعض السياسيين يرون أن سياسة الأبواب المفتوحة في طاجيكستان، قد لا تناسب أوضاع ما بعد الحرب، ومن الأفضل أن تظل البلاد منغلقة على نفسها لفترة حفاظاً على الأمن والاستقرار وتفاديًا للتدخلات الأجنبية، بَيدَ أنّ إمام علي رحمان إذ كان أدرى من أي شخص آخر بشؤون البلاد الداخلية والأوضاع الدولية ظل راسخًا على موقفه ليواصل سياسة الانفتاح.
ومع مضي السنوات تبين أن سياسة الانفتاح هي أمثل منهج لتفعيل السياسة الخارجية لطاجيكستان نظراً لموقعها في وسط آسيا التي تعد واحدة من أهم المناطق الحساسة في العالم، وهذه السياسة تعني استعداد طاجيكستان للتعاون مع كافة بلدان العالم من منطلق مبادئ المساواة والمصالح المشتركة، واليوم تقطف طاجيكستان ثمار هذه العلاقات المتعددة الجوانب على مختلف الأصعدة، كما أن بلدان المنطقة تقدر أيضاً منطق سياسة الانفتاح وتشيد بانتهاجها، وذلك لأن هذه السياسة مهدت الطريق للدولة الوليدة ليس فقط لتعزيز موقفها فحسب بل أنها كشفت لها منحىً خاصاً لدبلوماسيتها ليشارك بفاعلية في تسوية القضايا الإقليمية والدولية.
الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الطاجيكي امام علي رحمانكانت مصر من أولى دول العالم التي اعترفت باستقلال جمهورية طاجيكستان في 1 يناير 1992، فقامت علاقات دبلوماسية واقتصادية بين البلدين، وتم تبادل الزيارات، ومنها زيارة الرئيس إمام علي رحمان للقاهرة في فبراير 2007، وخلال القمة الطاجيكية المصرية بالقاهرة، تم التوقيع على حزمة اتفاقيات للتعاون في مجالات مختلفة كما تم تأسيس لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والفني والعلمي بين الحكومتين.
تجدر الإشارة إلى أنه حتى هذه اللحظة تم توقيع 12 اتفاقيات بين مصر وطاجيكستان، 6 منها خلال زيارة رئيس طاجيكستان لمصر 2007، وحاليا هناك 10 مشاريع لاتفاقيات جديدة محل دراسة بين البلدين في مجالات مختلفة.