ما بين تفجيرات الـ«بيجر» وأجهزة اللاسلكي، يواجه حزب الله اللبناني الحرب الأخطر في تاريخه. لكن السؤال هو: كيف يحدث ذلك؟
بعد أقل من 24 ساعة من تفجيرات “بيجر”، التي خلفت 12 قتيلًا و2800 مصاب، تجددت، الأربعاء، موجة الانفجارات، هذه المرة استهدفت أجهزة لاسلكي خاصة بعناصر الحزب من نوع ووكي توكي «أيكوم في 82»، ما أدى إلى مقتل 14 شخصًا وإصابة نحو 450 آخرين.
ووفقا للمعلومات المتاحة، تتميز هذه الأجهزة بسهولة الإعداد والاستخدام، كما يمكنها توفير شبكة اتصال تضم ما يصل إلى 100 مستخدم في نفس الوقت. كما أن أجهزة ووكي توكي «أيكوم في 82» توفر أمانًا إضافيًا من خلال نظام التشفير، وتعمل ضمن نطاق مقيد بشبكة «آي بي» خاصة بالمستخدم.
كما تحتوي على بطارية ليثيوم قابلة للاشتعال، وحجمها الكبير يسمح بوضع كمية أكبر من المتفجرات، وهو ما يفسر شدة الانفجارات التي أودت بحياة العشرات من الضحايا.
وتعد أجهزة «أيكوم في 82» من إنتاج شركة «أيكوم»، وهي شركة يابانية متخصصة في تصنيع منتجات الاتصالات اللاسلكية، تأسست عام 1964 وتتخذ من مدينة أوساكا مقرًا لها.
أسئلة مفخخة
أثارت هذه التفجيرات موجة من التساؤلات حول الدلالات وحجم الاختراق الأمني الإسرائيلي لمنظومة اتصالات حزب الله.
وذكر مصدر أمني وشاهد عيان لـ«رويترز» أن الأجهزة التي انفجرت في الموجة الثانية هي أجهزة لاسلكي محمولة، مختلفة عن أجهزة “بيجر”، مضيفا: “حزب الله اشترى هذه الأجهزة قبل نحو 5 أشهر، في نفس فترة شراء أجهزة بيجر”.
وفي تعليقه على الأحداث، قال الخبير اللبناني في التحول الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، لـ«العين الإخبارية» إن “هذه الانفجارات المتتالية تشير إلى برمجة تلك الأجهزة وزرع المتفجرات داخلها بشكل مسبق”.
واستبعد أبي نجم فرضية أن تكون البطاريات الليثيوم هي السبب في سقوط الضحايا، مؤكدًا أن نوعية الإصابات وعدد القتلى يدلان على شدة الانفجار.
وأشار الخبير إلى أن انفجار البطاريات لا يسبب مثل هذه الخسائر، ومن الصعب أن يحدث ذلك في بلدين في وقت واحد، مرجحًا أن تكون المتفجرات قد وضعت بجانب بطاريات الأجهزة التي وصلت إلى حزب الله.
وأضاف: “من المحتمل أن جهات ما حصلت على معلومات حول نية حزب الله شراء هذه الأجهزة، وتمكنت من اعتراض الشحنات وزرع المتفجرات فيها، سواء خلال التصنيع أو التوريد، مما سمح بتفجيرها عن بعد”.
أبعاد الحرب الخفية
تسلط هذه الانفجارات الضوء على الحرب الخفية المستمرة بين إسرائيل والكيانات المدعومة من إيران. حيث أشار تقرير نشره موقع “رجاء نيوز” الإيراني، المقرب من التيار المتشدد، إلى تورط شركة “إيران سيل” في صفقة شراء أجهزة (بيجر) لحزب الله اللبناني.
وتعد شركة “إيران سيل” المزود الرئيسي لخدمات الاتصالات النقالة في إيران، وقد تأسست عام 2005 بشراكة بين مجموعة “إم تي إن” وشركة إيران للتطوير الإلكتروني. وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، أطلقت الشركة أول شبكة “4G LTE” في إيران.
وبحسب التقرير، قدم خبراء “إيران سيل” استشارات لقيادة حزب الله اللبناني بخصوص شراء منظومة “بيجر”، مؤكدين أنها خالية من أي عمليات اختراق.
فوق الرقابة والتفتيش
أشار الخبير اللبناني إلى أن أي جهاز في لبنان معرض للانفجار، لكن حزب الله يمتلك خصوصية في هذا الأمر، حيث يمكنه إدخال أجهزته دون الخضوع لأي تفتيش من الدولة اللبنانية.
وأوضح: “حزب الله يتحمل كامل المسؤولية عن هذا الضرر، لأننا طالبنا مرارًا بضرورة إخضاع الأجهزة المستوردة للتفتيش الحكومي، لكن الحزب لا يلتزم بهذه المعايير”.
وفي السياق ذاته، حذر الخبير اللبناني من أن “الوضع يسير نحو الأسوأ في ظل الاختراق الأمني الكبير، ولا أحد يستطيع التنبؤ بما قد يحدث”. وأضاف أن الشبكة الوطنية اللبنانية وشبكة الإنترنت مخترقتان منذ وقت طويل.