
“تخلى عن كل مسئولياته”.. هكذا قالت في مقدمة رسالتها إلى بريد القلوب، لتدق ناقوس الخطر حول مسألة خطيرة في العلاقات الأسرية في هذه الأيام الصعبة.
*كنا نسكن في منطقة شعبية في القاهرة ، أعجبت به يوم دافع عني يوم تعرضت لتحرش بألفاظ خادشة في معهدي الصناعي، لم يكن التحرش جريمة مثل هذه الأيام ، بادلني الإعجاب يوما بعد يوم دون أن نقترب ، وعندما تبادلنا التليفونات، حكيت لأبي وأمي ما حدث ودونت اعجابي به، فكان رد أبي: “من الباب مش من الشباك”.. يقصد أن الإعجاب يكلل بدخول من الباب وليس من الشباك .. دائما أبي كان يقف في مربع الدين والأصول والعادات الأصيلة.
وكنا في السنة الأخيرة، اتفقنا في كافتيريا الجامعة على الدخول من الباب والانتظار النبيل، مرت الأيام بطيئة ولكنها كانت جميلة، واستطاع بمساعدة أهله التقدم لأسرتي واتمام أمر زواجنا، وللأمانة كانت أمي كانت نبع الحنان والفهم كله، وهي التي ساعدتني على أن اوفق بين حبي واحترامي لذاتي.
مرت الأيام سريعا ، التحقنا بالعمل وتقاسمنا لقمة العيش سويا، أنجبنا ولدا ثم بنتا، ولكن في السنوات الأربع الأخيرة تبدلت أحوالنا رأسا على عقب، كانت “الأربع البصل” بعد “أربعة عسل”، تدهورت ظروف أعمالنا تحت تأثير كورونا.
بدأت نوازع الهروب مني تتسرب إليه، ثم بدأ رجوعه متأخرا خاصة وقت نومنا يصبح هو صاحب السيادة، بات متزوجا للهاتف وجهاز الحاسوب، وبدأ يدخن بشراهة ويتعاطى المخدرات على فترات ، ويحب العزلة وتجنب الجلوس معي وطفله وطفلته.
تحدثت معه ، توسلت له أن يفيق مما فيه ، بكيت ، استدنت من أمي كي نصنع مشروعا خاصا، فشل المشروع وجاءت كورونا علينا بالخسارة ولم نسدد ديون أمي.
مات أبي ثم أمي فجأة بعد الاصابة بكورونا ، ولم يعد لي بعد الله وأخت شقيقة لي سوي ميراثي.. ارتكن اليه في تدبير نفقاتي ونفقات أولادي ، بينما هو استبدت به البطالة والجلوس على المقاهي.
اجتهدت في صناعة أكل بيتي وبيعه عن وسائل التواصل الاجتماعي لكنه هو مازال يجتهد في التمسك بالبطالة والتحجج بأزمة كورونا.
طفلي وطفلتي يكبران ، بينما هو يوغل في التخلي عن مسئولياته .
لقد فقد كل شيء في قلبي.
فماذا أفعل؟!
**بداية تحية لصبرك ومصابرتك واصرارك على الحفاظ على بيتك، ولكن للصبر حدود وللمصابرة ضوابط وللاصرار مسارات بديلة لتحقيق ذات الهدف.
لاشك أن أزمة كورونا أثرت على اقتصاديات دول فما بالك بالبيوت، ولكن كانت البدائل المؤقتة موجودة كما فعلتي بتصنيع الأكل البيتي ، فأنت من بيت أصله طيب لم تتعودى على اليأس.
نحن نعجب أشد العجب بالأزواج الحنجورين ، الذين يقاتلون لاثبات ذكوريتهم عبر الصوت المرتفع والأذى واستعراض مختلف انواع القوى ، وهم أبعد ما يكونون عن الرجولة والرجال، وكان يجب أن يكونوا كذلك لمواجهة الأزمات التي تواجهه الأسر في هذه الأزمنة.
والشيء بالشيء يذكر، فإننا نعجب كذلك من الزوجات الحنجوريات ، اللائي يقاتلن لإثبات جدارتهن الجندرية عبر الصراع مع الزوج الرجل، وهو ما أبعد ما يكونون عن الأنوثة الجميلة والنسوية الراقية، وكان يجب عليهم أن يكونوا على قدر الأنوثة وعلى قدر تحمل المسئولية أو كما يقولون “ست بمية راجل”.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :” كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته : الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راع ومسئول عن رعيته”.
والاختيار ياسيدتي .. من البدء يجب أن يكون على أسس ونحن نؤيد الاتجاهات الرسمية لاجبار المتزوجين على أخذ رخصة زواج كاجراء لإتمام العقد، ولقد كان الاختيار قائما على اعجاب وليس كل اعجاب حبا وليس كل حب عاطفة حقيقيا وليس كل محب يستحق الزواج وليس كل ذكر أو اثنى قادرين على تحمل مسئولية اسرة طالما لم يأخذوا الأمر على محمل الجد بعد أخذ بالأسباب.
نرى أن في الكواليس حكايات لسقوطه المريع ذلك ، كنا نود الاطلاع عليها ، ولكن هناك فرصة لانتشاله من الغرق ان بادر بالاستجابة ، وعليك نصحه بمتابعة مستشار أسري ونفسي ويمكن التواصل معنا لتوفير أحد المستشارين المقدرين لظروفكم المالية الحالية، أو التواصل على الأقل مع صاحب كلمة وعلم وورع في المحيطين بكم لنصحه والأخذ بيده في مسار التعافي.
ومن هنا نبدأ تحديد فرص الاستقرار بعد تلك الرياح الهوجاء ، أو الانفصال بالمعروف في ظل ضوابط محددة مسبقا تمنعنا من دوامة المحاكم المثقلة في مصر بالدموع والهموم.
أنت بطلة في زمن كثير من الزوجات هن من يكن سببا لهدم البيوت بناء على ظنون سقيمة أو تصرفات معيبة أو تقليد أعمى أو غير ذلك من الأسباب التي تزدحم بها أجندة المستشارين ومتخصصي العلاقات الأسرية والنفسية.
حافظى على ذاتك جيدا ، واقتربي من ربك أكثر ، وخذي بالأسباب ، فالقرب من الله عزوجل والحرص على مرضاته بركة للبيت وتطرد شياطين الانس والجن ، الذين يحببون الفشل للأزواج أو الزوجات في زمن علا فيه صوت الافتراق بكل أسف.
وللزوج رسالة نقول له فيها : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، تذكر مسئولياتك أمام الله وحسابك عليها وتذكر الأوقات الجميلة والصعبة التي عشتها مع شريكة حياتك ، وابد التصحيح.